[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الصلاة و السلام على أشرف المرسليـن ...©
الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ...
.من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا ...
...و أشهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم ...
... و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
...ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الخبير ...
...ربنا لا فهم لنا إلا ما فهمتنا إنك أنت الجواد الكريم ...
...ربي اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ...
...أما بعد ...
هل يجوز ختم القرآن كل يوم ؟ وكيف نفهم ما ثبت من ختم السلف في أقل من ثلاث ؟
السؤال: هل يمكن أن أقرأ القرآن كاملاً في يوم واحد ؟ وهل يجوز ذلك ؟ فقد سمعت أنه لا يجوز قراءته كاملاً في أقل من ثلاثة أيام .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
قراءة كتاب الله تعالى من العبادات الجليلة في الإسلام ، وكيف لا تكون كذلك والمقروء هو كلام الله تعالى ؟! ومع هذا الشرف الذي يحصل لقارئ القرآن فقد وعد الله تعالى القارئ بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة ، ومن ذلك أنه يكون له هدى وشفاء ، وأن له بكل حرف عشر حسنات ، وأن القرآن يكون له شفيعاً يوم القيامة ، وغير ذلك من الثواب والأجور .
وانظر جواب السؤال رقم ( 141700 ) .
ولهذا رأينا الصحابة الأجلاء والتابعين الفضلاء ومن تبعهم من سلف هذه الأمة يحرصون على قراءة كتاب ربهم تبارك تعالى ، ويجعلون لأنفسهم وِرداً منه كل يوم .
ومع حرصهم على قراءة كتاب ربهم فقد التزموا القدْر الذي لا يتجاوزون به الشرع ، ولا يقعون بسببه في مخالفة للهدي النبوي ، ولذا كان الأكثر على ختم القرآن كل سبعة أيام ، ومن وجد قوة فلا يختم في أقل من ثلاث ، إلا في أحوال معينة يأتي ذِكرها .
وقد التزم أكثر السلف الختم على سبع اتباعاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ ) قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً ... حَتَّى قَالَ ( فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ) .
رواه البخاري ( 4767 ) ومسلم ( 1159 ) .
ولم يختموا في أقل من ثلاث لتنفير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ ) .
رواه الترمذي ( 2949 ) وأبو داود ( 1390 ) وابن ماجه ( 1347 ) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وهو الذي فهمه الصحابة الأجلاء من الهدي النبوي ، وتبعهم على ذلك أئمة علم وهدى .
1. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " اقرؤوا القرآن في سبع ، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث " .
رواه سعيد بن منصور في " سننه " بإسناد صحيح كما قاله الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 9 / 78 ) .
2. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث .
رواه أبو عبَيد في " فضائل القرآن " ( ص 89 ) وصححه ابن كثير في " فضائل القرآن " له ( ص 254 ) .
3. قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقلِّ من ثلاثٍ ، كما هو مذهبُ أبي عبيد ، وإسحاق بن راهويه ، وغيرهما من الخلف أيضاً .
" فضائل القرآن " ( ص 254 ) .
ومع عدم فقه من قرأ في أقل من ثلاث فإنه لا يستفيد – كذلك – معاني سامية عالية يستفيدها من قرأ القرآن بتدبر وطمأنينة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
قراءة القرآن على الوجه المأمور به : تورث القلب الإيمان العظيم ، وتزيده يقينا وطمأنينة وشفاء .
" مجموع الفتاوى " ( 7 / 283 ) .
ثانياً:
ما يُذكر في بعض كتب أهل العلم من ختمة بعضهم للقرآن أربعاً في النهار وأربعاً في الليل : ينظر في أمر ثبوته عمن روي عنه ، لبعد وقوع ذلك جدا ؛ إذ الوقت لا يستوعب هذا أصلاً . ومثله ما يُزعم من أن بعضهم ختم القرآن بين المغرب والعشاء ! وغير ذلك مما لا يمكن تصديقه حتى مع السرعة في القراءة .
وأما قراءة القرآن – كاملاً - في يوم واحد : فممكنة واقعاً ، بل قد فعلها بعض الأئمة – كما روي عنهم – في ركعة واحدة .
قال النووي – رحمه الله - :
وأما الذين ختموا القرآن في ركعة : فلا يُحصون ؛ لكثرتهم ، فمنهم : عثمان بن عفان ، وتميم الداري ، وسعيد بن جبير .
" الأذكار " ( ص 102 ) .
ولكن هل من فعل ذلك يكون مهتدياً بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم أو يكون فَعَل ما يجوز له شرعاً ؟!
والجواب : أما من جعل ذلك ديدناً له ومنهجاً في حياته : فلا شك أنه يقع في مخالفة للشرع ، ولا يكون فعله ذلك إلا مع تفريط بواجبات شرعية عليه - كالصلاة وتربية أولاده وصلة رحِمه وعِشرة أهله بالمعروف – أو تفريط في عمل يرتزق به .
وأما من فعل ذلك أحياناً بقصد مراجعة حفظه ، أو استثماراً لزمان فاضل – كشهر رمضان - ، أو بسبب أنه معتكف في مسجد ، أو لأنه منقطع للعبادة في فترة محددة في مكة – مثلاً - : فلا يكون بذلك مخالفاً للشرع ، وعلى هذه الأعذار يُحمل ما روي عن بعض الأئمة من ختمهم للقرآن مرتين في اليوم أو مرة في اليوم ، لا أن ذلك كان منهجاً لهم في حياتهم .
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وعن أبي حنيفة نحوه .
... .
وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره .
" لطائف المعارف " ( ص 171 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 50781 ) .
والله أعلم